الأربعاء، 31 ديسمبر 2014

الحملة الفرنسية على مصر


من مختارات تاريخ  الجبرتى




عبد الرحمن بن حسن برهان الدين الجبرتي الشهير (ولد في القاهرة عام 1756 - وتوفي في القاهرة عام 1825). و هو مؤرخ مصري عاصر الحملة الفرنسية على مصرووصف تلك الفترة بالتفصيل في كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار» والمعروف اختصاراً بـ«تاريخ الجبرتي» والذي يعد مرجعاً أساسياً لتلك الفترة الهامة منالحملة الفرنسية. قدم أبو جده من قرية جبرت - والّتي تقع الآن في أرتيريا - إلى القاهرة للدراسة في الأزهر، واستقر بها.

أولا مقدمة الاحتلال
الاسطول الانجليزى

- في 22 يونيه عام 1798
حضر إلى الإسكندرية 10 مراكب من مراكب الانجليز ووقفت على البعد بحيث يراها أهل الثغر . و بعد قليل حضر 15 مركبا أخرى فانتظر أهل الثغر ليعرفوا ماذا يريدون ثم تحرك قارب من هذه المراكب به عشرة أفراد فوصلوا الى البر

 و اجتمعوا بكبار البلد و الرئيس في ذلك الوقت هو السيد محمد كريم فاخبروه أنهم انجليز حضروا للتفتيش عن الفرنسيين الذين خرجوا بأسطول ضخم إلى جهة غير معروفة .و اظهروا خوفهم من مهاجمة الإسكندرية م قبل الفرنسيين

 و عرضوا على محمد كريم
السيد محمد كريم
المساعدة و أكدوا له أنهم سيقفوا فى البحر محافظين على الإسكندرية من الفرنسيين مقابل فقط الماء و الطعام بثمنه . فرفض محمد كريم ذلك و رد عليهم بقسوة  فترك الانجليز المكان و رجعوا إلى مراكبهم لأخذ  احتياجاتهم من مكان أخر ثم أرسل أهل الإسكندرية إلى العربان ليتجمعوا فى المدينة.


- فى 24 يونيه عام 1798
وردة الأخبار  و المكاتبات من الإسكندرية  الى القاهرة توضح ما حدث  مما أدى إلى الكثير من الإشاعات و المخاوف بين الناس

- ثم  فى 27 يونيه عام 1798
وردة الأخبار ان تلك المراكب قد عادت من حيث اتت فاطمأن الناس ....اما امراء المماليك فلم يهتموا بتلك الاخبار لاعتمادهم على قوتهم و زعمهم قدرتهم على سحق اى قوة تحاول دخول البلاد و انهم سيدوسونهم بخيولهم



الاسطول الفرنسى
- فى  2يوليو وقف الأسطول الفرنسي أمام سواحل  الإسكندرية و و رشيد و دمنهور و فى الليل نزلت قوات منهم جهة البر في منطقة العجمي و صباح اليوم التالي او يوم 3 يوليه  لم يشعر اهالى  إلا و الجنود الفرنسيين منتشرين حول المدينة كالجراد المنتشر ... و عندما خرج أهل الثغر و العربان لقتال الفرنسيين لم يستطيعوا الاستمرار فى حرب الفرنسيين لقلت إمكانياتهم و قلت البارود و خلو الأبراج من آلات الحرب وفى الوقت الذي يمتلك فيه الفرنسيين  من العتاد و الأسلحة و التي لا قبل للمصريين بها فانهزم أهل الثغر و عادوا للتترس في بيوتهم و دخل الفرنسيين البلاد و لم يخسر الفرنسيين إلا 40 قتيل و 80 جريح .
وطلب أهل المدينة الأمان فأمنهم الفرنسيين و طلب أعيان المدينة و ألزمهم بجمع السلاح .


 و الغريب ان أنباء ذلك الاحتلال لم يرد العاصمة الا يوم 20 يوليو اى بعد ثلاث أسابيع
فلما عرف أهل مصر بالخبر حصل انزعاج و فرار الكثير و انتشار الهرج
و اجتمع إبراهيم بيك و مراد ببك فى قصر العيني
كما اجتمع الأمراء و العلماء و القاضي و اتفقوا على إرسال رسالة الى اسلامبول   ( اسطنبول حاليا ) كما اتفقوا على ان يجهز مراد بيك العساكر و يخرج لملاقاتهم و حربهم كما عمد المماليك على مصادرة ما لدى الناس و اخذ كل ما يريدون بدون ثمن
و كان خروج مراد بيك بعد صلاة الجمعة  و بمجرد خروجه كثر الهرج بين الناس و انقطعت الطرق و كثرة السرقة فنادي الوالي و الاغا بفتح الأسواق و القهاوى ليلا و تعليق القناديل اما مراد بيك فكان يخيم عند الجسر الأسود حتى اكتمل العسكر و صناجقة على باشا الطرابلسى و ناصف باشا و اخذ معه عدد كبير من المدافع و البارود  كما امر بعمل السلاسل الحديدية لتنصب عند البوغاز عند برج مغيزل من البر للبر لتمنع مراكب الفرنسيين من العبور الى النيل و ذلك لاعتقادهم ان الفرنسيين لا يقدرون على قتالهم فى البر
و لكن العكس ما حدث حيث ان الفرنسيين ساروا عن طريق البر الغربي


 و قد كان الفرنسيين قد كتبوا رسالة الى اهل مصر كتب فيها


( بسم الله الرحمن الرحيم , لا اله إلا الله لا ولد له ولا شريك له فى ملكه
نابليون بونابرت

من طرف الفرنساوية المبنى على أساس الحرية و التسوية السر عسكر الكبير امير الجيوش الفرنساوية بونابرته يعرف اهالى مصر جميعهم ان من زمان مديد الصناجيق الذين يتسلطون فى البلاد المصرية يتعاملون الزل و الاحتقار فى حق الملة الفرنساوية و يظلمون تجارها بأنواع الإيذاء ة التعدى فحضر الان ساعة غقوبتهم و اخرنا من مدة عصور طويله هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الابازة و الجراكسة يفسدون فى الإقليم الحسن الأحسن الذي لا يوجد فى كرة الأرض كلها
( فاما رب العلمين القادر على كل شىء فانه قد حكم على انقضاء دولتهم
يا ايها المصريون
قد قيل لكم اننى ما نزلت بهذا الطرف الا بقصد اذالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه و قوالوا للمفترين اننى ما قدمت إليكم  ما قدمت إليكم الا لأخلص حقكم من يد الظالمين و اننى أكثر من المماليك اعبد الله سبحانه و تعالى و احترم نبيه و القرآن العظيم و قولوا أيضا لهم أن جميع الناس متساوون عند الله و أن الشيء الذي الذي يفرقهم عن بعضهم هو العقل و الفضائل و العلوم فقط و بين المماليك و العفل و الفضائل تضارب.. فماذا يميزهم عن غيرهم حتى يستوجبوا أن يملكوا مصر وحدهم و يختصوا بكل شيء أحسن فيها من الجواري الحسان و الخيل العتاق و المساكن المفرحة
فان كانت الأرض المصرية التزاما للمماليك فليرونا الحجة التى كتبها الله لهم و لكن رب العالمين رءوف و عادل و حليم
و لكن بعون الله تعالى من الان فصاعدا لا ييأس احد من اهالى مصر عن الدخول فى المناصب السامية و عن اكتساب المراتب العالية فالعلماء و الفضلاء و العقلاء بينهم سيدبرون الأمور و بذلك يصلح حال الامة كلها
و سابقا كان فى الاراضى المصرية المدن العظيمة و الخلجان الواسعة و المتجر المكاثر و مازال ذلك كله الا الظلم و الطمع من المماليك
ايها المشايخ و القضاة و ألائمة و الجربجية و أعيان البلد قولوا لامتكم ان الفرنساوية هم أيضا مسلمون مخلصون و إثبات ذلك أنهم نزلوا فى رومية الكبرى و خربوا فيها كرسي البابا الذى كان دائما يحث النصارى على محاربة الاسلام ثم قصدوا جزيرة مالطة وطردوا منها الكواللرية ) هم مجموعة من الفرسان تبقوا بعد الحروب الصليبية ) الذين كانوا يزعمون ان الله تعالى يطلب منهم مقاتلة المسلمين
و مع ذلك الفرنساوية فى كل وقت صاروا محبين لحضرة السلطان العثماني و أعداء أعدائه أدام الله ملكه و مع ذلك ان المماليك امتنعوا عن إطاعة السلطان غير ممتثلين لامرة فما اطاعوا اصلا الا لطمع انفسهم
طوبى ثم طوبى لاهل مصر الذين يتفقون معنا بلا تأخر فيصلح حالهم و تعلى مراتبهم
طوبى ايضا للذين يقعدون فى مساكنهم غير مائلين لأحد من الفريقين المتحاربين فإذا عرفونا بالاكثر تسارعوا إلينا بكل قلب
و لكن الويل ثم الويل للذين يعتمدون على المماليك فى محاربتنا فلا يجدون بعد ذلك طريقا الى الخلاص ولا يبقى منهم اثر) .



- فى 15 يوليه عام 1798

وردت الأخبار بان فى يوم الجمعة 29 من المحرم 13 يوليه عام 1798 التقى العسكر المصري مع الفرنسيس فلم تكن الا ساعة و انهزم مراد ببك و من معه و لم يقع قتال صحيح و انما مناوشات من طلائع العسكرين بحيث لم يقتل الا القليل من الفريقين و احترقت مراكب مراد بيك بما فيها و انهزم أيضا في البحر و ترك المدافع و جنوده و هرب و وراءه الجنود